لا السكون الذي أدعيه و لا صخبي و توتري الغير مبررين أحيانا
أنا لا أنتمي لهذا العالم و لن
في كل مرة أجبر طبيعتي على تقبل الأمر ، أجل جئت إلى عالم غير عالمي لكننى جئت على أية حال ، ربما هذا هو الاختبار الحقيقي .. و ربما يتغير العالم مرة أخرى و يعود كما كان في عالمي القديم .. و ربما أمر صدفة و أنا في طريقي من أو إلى العمل بمحوري الزمني و أعود إلى عالمي الذي أنتمي إليه
على كل الأحوال مجبرة أنا على تقبل الظروف و التماهي مع كل ماحولي ، يقود الناس في هذا العالم سيارات ليذهبوا بها إلى العمل إذا فلأفعل مثلهم كي أثبت لنفسي قبلهم أن يقيني تشوبه الشوائب و أن انتمائي ربما يتغير عندما أفعل مثلما يفعلون
كرها أتعلم القيادة و ينسي معلمي أن يعطيني قاموس المصطلحات التى يستخدمها البشر أثناء القيادة، يظنه بديهيا مكتسبا .. لم يكن يعرف أن كونه مكتسبا ليس من الضرورة أن أكتسبه أنا أو أعرفه من الأصل
حسنا .. مع الممارسة أكتشف أننى قد ضللت كثيرا في التعليم ، ينقصني الاقتناص و تعيبني نزاهة لا مجال لها و أفتقد لمهارات الاندفاع ، أعود إلى عالمي في حلم من أحلام اليقظة .. أجدني أطير على حصاني " فلفول" سميته هكذا حتى يتماشي مع اسم السيارة " فلافيلو"-التى تشبه الفيل شكلا و صوتا - لكن فلفول لا يزعجني صوته كفلافيلو ، لا يرعبني إن اجتاز المساحة المخصصة له في السباق كما تفعل هي ، لا يحتاج إلى صيانة مزعجة و لا يقف فجأة في وسط الطريق لأسباب تافهة هو فقط يطير عندما أجذب طرف اللجام نحوى قليلا
يغمرنا الهواء البارد أنا و فلفول فأشعر بنشوته و انفعاله ، أميل على أذنه اليمني لأحكي له نفس الحكايات التى أحكيها " لفلافيلو" دون أي استجابة منها فيفاجئني بحركات أفهمها أنا وحدي ، يواسيني أحيانا و يشجعني أحيانا و يصدر صهيلا مرحا كي يخبرني أن الأمر بسيط و أن السلوى أقرب مما أتصور
لفلفول شعر ذهبي منسدل على وجنته و روح ذكية تزيد من وسامة طلعته ، أبحث له عن رفيقة في القرية فلا أجد من تستحقه ، هو وحده منفرد بهذا الجمال حتى في عالمي الجميل ، أخبرته " لم أجد من تستحقك فابحث بنفسك و ءاتني بها " نفض رأسه بشكل استنكاري و قال لي " ليس قبل أن نجده سويا" فضحكت و ضحك
نصف أنا لست واحدا كاملا كما كنت أزعم في عالم اليقظة .. أعترف لفلفول ، كان لزاما على أن أزعم بذلك لهم حتى لا أسحق في عالم الآلة فلتحمد ربك يا فلفول أنك لم تكن هناك ..أما الآن أنا هنا أقر بضعفى و احتياجي لأن أجد شطري الذي فقدته هنا و لأننى هنا لست زاهدة كما كنت في عالمهم
يأتيني صوتها المنزعج إثر احتكاك زائد بالأسفلت .. أنتبه .. " هو ايه اللى انت بتعمله ده يا .. بنى آدم ؟" استعضت عن كلمات من قاموسهم ب"بنى آدم " فكانت كافية لي في هذه المرحلة من مراحل التعلم ، الوقت يدربنى كي أتعايش مع هذا العالم و ربما يوما أستخدم ألفاظهم
أحاول أن أستعيد حلم اليقظة ، وجه رفيق لم يسعفنى الوقت أن أراه ، ربما هو أيضا يبحث هناك في عالمنا الذي ننتمى له سويا ، ربما مات و لم يعلم أننى جئت بعده بسنوات و أننى انتظرته لكن خللا ما أدركنا ، حسنا .. يكفيني أننى أعلم يقينا أنه كان مخلصا و كذلك أنا ..
" حمد الله على السلامة يا فلافيلو وصلنا البيت .. بيتك"