٢٠١٠-٠٢-٢١

حتى تأتي سعاد

مبتدأ: في مثل هذه الليالي(ليالي اللا حزن لا فرح) إعتدت أن أكتب
مرت بي ليال كثيرة كنت أكبت فيها مشاعري و كانت تغلبني هي في الظهور بأية صورة - الآن أعتقد أنى كبحت جماحها إلا أنها جعلت مني تمثالا من الثلج ..تري من فينا الكاسب؟

أقلب صفحات كتابي في يدي و أنا جالسة على هذا المقعد المتأكل في العربة المستطيلة - حولى وجوه لأناس ربما أراهم كل يوم في نفس الأوقات إلا أن عيناي لا تألفا أحدا منهم ..إذا فالكتاب هو الحل الأمثل لقتل ملل الطريق
وجوه لاهثة في الشوارع ..الكل يجري كي يلحق الميعاد - ميعاد المبارة النهائية - الكل يتعجل و كأنه ذاهب لملاقاه الخصم بنفسه و شخصه لا مجرد متفرج يري المعركة من خلف زجاجات و عدسات و هو يجلس على أريكة ناعمة أو ربما خشنة يلوم امرأته لأنها لم تضبط التلقيمة في كوب الشاي هذه المرة
جميع الوجوه منهمكة و جادة ..الكل يبحث عن حلم أو أمل يتحقق بأيدي الآخرين كي يعطيه أملا أنه ربما يستحق الحياة على وجه هذه الأرض أو أنه جدير بأن يسمى إنسانا وسط كل هذه الاهانات التى يلقاها على مدار يومه
أحاول الاندماج معهم تارة .. و لم لا فأنا أيضا أتمنى النصر لمنتخب بلادي يزداد حماسي ثم يعود فاترا عندما أكتشف أننى لن أحزن كثيرا لو خسر منتخب بلادي في لعبة لا أعلم قواعدها و لا أهتم أن أعرفها على الاطلاق.. إذا فلاتركهم لما يلتهون فيه و ألتهي أنا فيما بداخلي
بداخلي .. سر أخبرت به نصف أهل الأرض و لم يفهمه أحد ، صحراء متسعة مليئة بالطرق الوعرة لا تليق بمسافر ضعيف البنية قليل الحيلة ..بداخلي سماء داكنة اللون في ليلة كليلتنا هذه ، تتوسططها بقعة منيرة تسمى قمرا ، بقعة تطغي على ما حولها تستأثر بكل النور لها وحدها و تترك لما حولها من نجوم فتات الفتات ..لا أحب القمر بأنانيته و غروره

و لكن ربما هذه الليلة ليست داكنه كمعظم ليلات القاهرة ، أدير رأسي للوراء أنظر من زجاج العربه إلى السماء فلا أرى القمر ، فقط أرى أثره ، أبحث عن نجمتى التى أحبها و التى سميتها من قبل " سعاد" أدقق النظر فلا أراها ، من يدري ربما تأت الآن فهذه عادتها في تشويقى و إثارتي
لي مع سعاد ذكريات لطالما كانت الأجمل، كنت أسهر معها في ليالي الصيف القائظ في الإجازات السنوية ، بينما الكل نيام و أنا وحدي في الشرفة أدير رأسي للوراء بالساعات و أحدثها " سعاد" عن أمنياتي و أحلامي و ربما آلامي

لطالما حدثتها عن ذلك الكائن الذي كنت انتظره وقتها فلم يأت ، حدثتها عن أشباحه التى كانت تترائي لي بين الحين و الآخر ، كانت دائما تخبرني أنه الآن و في نفس اللحظة ينظر لها و يحدثها عني و عن طول انتظاره لي .. كنت انظر لها بعناية ربما أجد انعكاس عينيه في ضوئها بلا جدوي ..أعرف أنها لم تخبرني يوما بمكانه حتى لا تفسد على فرحة المفاجأة
لطالما قلت لها : سعاد.. أخبري من عن هوانا سائل أن هذا القلب محتاج لنبض ...أنا إن غادرت دنيا حبنا فالهوى عهد سيبقى دون نقض
يوما ما أتيتها في نفس الشرفة - شرفة بيتنا القديم - و قد ملأت دموعي عيناي ووجهي ، بكيت عندها و حدثتها كثيرا ، شكوت لها ما ألاقيه من قسوة البشر ، نصحتنى بالدعاء بل دعت لي و سبحت في أذني مائة مرة فكررت ورائها التسبيح و أمنت على دعائها لي و نمت
منذ وقت طويل لم أحدثها و ربما هذا سر تمنعها على الظهور اليوم ، لكنني لم أعتد منها البخل ، من يدري ربما تأت الآن

أعيد رأسي لوضعه الطبيعي فإذا فبقلق الناس من حولي يزداد ..فقد بدأت المبارة بالفعل ، هذه نغمات الرسائل القصيرة التى تحمل دعوات التوفيق و التذكرة بالدعاء لجيشنا أو فريقنا القومي تنهال على مسامعي ، أتحسس هاتفي و أنظر فيه فربما تأتينى تلك الرسالة التى تحملنى من الهموم أكثر من الاستبشار ،في المرة الأخيرة جائتني الرسالة و كنت أشعر بداخلي أن فريقنا لن ينتصر ، ظل قلبي يخفق طوال المباراة رغما عنى و بالفعل لم ننتصر و لم أحمل البشرى لهؤلاء الذين كانوا يتوسمون في الفأل الحسن ، أنظر إلى الهاتف فلا أجد الرسالة هذه المرة فأحمد الله الذي أزاح هذا الحمل عني

تصل العربة إلى نهاية الطريق أخيرا ، يتهلل وجه الناس لقرب وصولهم إلى بيوتهم ليجلسوا على الأريكة الناعمة أو ربما الخشنة وليشاهدوا حلمهم يتحقق بأيدي غيرهم بينما يحتسون أكواب الشاي -غير المضبوطة-
أنظر إلى السماء بينما أنزل درج العربة فأراها تظهر من بعيد " سعاد" ها قد أتت يتلألأ نورها المتردد من بعيد غير مبالية بنور القمر الساطع ، فهي تعلم جيد أنني أفضل نورها المتردد على نور القمر الواثق و أتفائل بقدومها عن قدومه بالطبع

إذا سيكسب فريقنا القومي المباراة و سيتحقق الحلم .. حلم الناس