٢٠١٢-٠٩-٢٢
٢٠١٢-٠٥-١٣
حسنا سوف أبلغ الثلاثين من عمري غدا إن شاء الله .. ماذا يعني ذلك الأمر؟
بغض النظر عن الهاجس الذي كان يسيطر على إلى وقت قريب أنى لن أبلغ هذه السن أبدا و أن حياتي حتما ستنتهي قبل هذا العمر في حادث مروري سيكتشف الناس أنه مدبرا بعد وقت قليل ..أو لا يكتشفون ذلك ربما.. أو لا يكون مدبرا من الأصل و لكنه قدري الذي لن أهرب منه بل سأستقبله بنفس راضية و روح تتوق للقاء..
و بعد أن بات أمر الحادث المروري مؤجلا إلى قدر غير معلوم بالنسبة لي على الأقل أصبح على أن أعى الحقيقة التى أواجهها الآن .. أنا سأبلغ الثلاثين غدا
- أن تبلغ الثلاثين يعني أنك لابد أن تفسر للناس لماذا لايبدو مظهرك كسنك ؟ عليك أن تثبت للعشرينيين أنك لازلت تفكر مثلهم و للأربعينيين أنك كبرت بالقدر الذي يتفهم سكونهم المغلف بالحكمة
- أن تبلغ الثلاثين يعني أنك لابد أن تدعي العلم بأمور كثيرة و ألا تستسلم عندما ترى الشاب ذو الثمانية عشر عاما يعرف الكثير الذي لا تعرفه
- أن تبلغ الثلاثين عليك أن تعى أولا أن الذي يبلغ الثمانية عشر عاما يسمى شابا و أنك بالنسبة له مجرد مشروع لكهل يدعي الشباب
- أن تبلغ الثلاثين عليك أن تفسر للعالم من حولك في كل تجمع لماذا لازلت وحيدا ..عليك أن تثبت لهم أنك انسان سوى و أن القدر وحده لم يضع أمامك الفرص التى تناسب مقاسك .. و أن الفرص التى تركتها أو تركتك لم تكن كذلك.. عليك أن تثبت لهم أنك لست سعيدا بذلك حتى لو كنت سعيدا لأن المجتمع لن يعترف بك وحيدا و الأنكى لن يقبلك و أنت سعيد بوحدتك..أنت تشكل عليهم خطرا ما لا يعرفونه لكنهم واثقون منه
- أن تبلغ الثلاثين عليك أن تعرف أن العالم ينتظر منك أن تكون حصيفا متفهما لكل الأمور ذو انجازات واضحة في المجتمع ..حتى و لو كان المجتمع نفسه يقف في طريق نجاحك في كل محاولة منك لكن ذلك لا يبرر أبدا ألا تكون ناجحا .. كن ناجحا فحسب .. كن ناجحا يا أخى و لا تجادل
حسنا سوف أبلغ الثلاثين من عمري غدا إن شاء الله .. ماذا يعني ذلك الأمر؟
- أن تبلغ الثلاثين يعني أنك لابد و أن توثق اللحظة و المرحلة التى أنت مقبل عليها حتى و لو لم يكن يعنيك الأمر الآن فربما يعنيك يوما ما !! و حتى تستطيع ذلك لابد أولا أن توثق المرحلة التى أن قادم منها لتوك مرحلة العشرين و ما بعدها .....
لا تسعفنى الذاكرة لتذكر عشر سنوات كاملة و لكنى أتذكر جيدا ذلك اليوم الذي بلغت فيه الحادية و العشرين من عمري .. كنت أستعد للتخرج من الكلية و كانت الصدمة مزدوجة .. فكلمة "تخرج" كانت تعنى لى الخروج من هذه الشرنقة التى ظللت فيها خمس سنوات لا أعلم عن العالم الخارجي شيئا غير أنى لابد و أن أتخرج مهندسة و أن العالم ينتظر مني ذلك فلابد أن أكون على قدر انتظاره و أن كل الأشياء لابد و أن تؤجل إلى ذلك اليوم الذي أخرج فيه من الشرنقة
في لحظة الحادية و العشرين خرجت من الشرنقة مندهشة من العالم الغريب أنتظر تاريخا لأبنى عليه المرحلة القادمة كان كل مايشغلنى كيف سأرتب وقتى القادم و كيف سأملؤه و بم سأملؤه بعد أن اكتشفت أن العالم مثقل بالخريجين و لا ينتظر المزيد منهم بل علي أنا أن أثبت له أننى جديرة بأن يتحملنى العالم و كانت المشكلة من أين أبدأ.. لذا تأجلت دهشة الحادية و العشرون لحين العثور على بداية الطريق في الحياة العملية.
عموما لم يطل الأمر كثيرا و بدأت الحياة العملية بالفعل و انشغلت بها عن ادراك اللحظة التى كان لزاما على توثيقها حتى وصلت لمرحلة الخامسة و العشرون ..
في الخامسة و العشرون كانت صدمة أخرى .. ربع قرن على ظهر الأرض بلا انجاز يذكر ..فقط أحاول التماس الطريق .. الأمر كان مخيفا للدرجة التى جعلتني أسير في كل طريق يفتح أمامي ربما كان هو الطريق المرتجي .. مر عيد ميلادي الخامس و العشرون كئيبا بحق كعادتى في ذلك اليوم من كل عام .. المحاسبة التى تصل إلى جلد الذات و تمنى أن ينتهى ذلك اليوم سريعا – ملحوظة: أتذكر أنى في العاشرة كنت حزينة لأننى أتممت عشرة أعوام بلا انجاز حقيقي و اعتدت هذا الأمر حتى بلغت الخامسة و العشرين-
لكنني في السادسة و العشرون اتخذت قرارا بألا أحزن على العمر مرة أخرى .. و نجحت بالفعل في الاحتفال بعام مر من عمري بكل ما فيه من أحزان تعلمت منها و أفراح سوف أجترها من الذاكرة وقت الحاجة.. احتفلت يومها بأننى في كل عام أصغر من العام القادم بسنة فأمامى سنة حتى أبلغ العام القادم لأفعل بها ما أشاء
منذ ذلك الحين لا أذكر أننى اكتئبت في يوم ميلادي بل على العكس .. أصبحت أتوق للمفاجأت و الهدايا التى يضعها الله في طريقى كل عام و أوثقها في ذاكرتى لتشوقنى لهدايا العام القادم فمثلا :
في السادسة و العشرين : أهدانى الله برحلة للعمل في الكويت تعلمت فيها الكثير و الكثير و خرجت من التجربة بشكل مختلف .
في السابعة و العشرين : هدانى الله إلى اتخاذ القرار بإنهاء تجربة السفر و العودة إلى أمى مصر و أمى والدتى اللتان تركت جزءا من روحي معهما
في الثامنة و العشرين : هدانى الله إلى اتخاذ قرارا شخصيا كنت لا أجرؤ على اتخاذه من قبل أثرعلى حياتي بعدها و جعلنى أقوى
في التاسعة و العشرين : أهدانى الله قبل ميلادي بأربعة شهور بالثورة التى غيرت الكثير في حياتي و حياة وطنى و جعلتنا نقترب أكثر و نوقن أن حب وطننا يجري في دمانا بالفعل لا بالأقوال فقط و أهدانى الله أيضا بثلاث احتفالات لم أكن أتوقعهم من الأقارب و الأصدقاء
أما في الثلاثون : أهدانى الله سفرا إلى السودان الشقيق منذ شهر تقريبا كانت رحلة لا تنسى أتمنى أن أوثقها قريبا حتى أسرد فيها كل ما وجدته من نقاء و بلاد تعرف الخير و أهل هم بحق أخوة دم
ثم أهدانى منذ ثلاثة أيام بهدية أخرى " لقد أصبحت عمتو لأول مرة في الثلاثين من عمري" والحمد لله لطفل اسمه محمد أسأل الله أن ينبته نباتا حسنا و أن أكون له عمة جيدة :)
فلله الفضل و المنة .. اللهم بارك لنا في أعمارنا و ارزقنا حسن القول و العمل و أحسن خاتمتنا يا رب العالمين
٢٠١٢-٠١-٠٦
في ذكرى بطل
أيا مهجتي
أمانة ما يمشي
ورا جثتي
سوى المتهومين بالوطن
تهمتي
فداكي بدمايا اللي شاغلة الخواطر
بطول الزمان
٢٠١٢-٠١-٠٥
حكاية رجل يجيد التلكؤ
هم دائما من حوله يبادرون .. أما هو فله الخطوات الثانية ، العقل في المنطقة الثلجية و الجسد في المنطقة الدافئة دوما .
ينعت نفسه بالحذر ، يراه الناس عاقلا متريثا .. قليل الخطأ كثير المبررات ، يحلل أكثر مما يفعل .. هو الرابح الوحيد من كل الصراعات التى تحيطه ففى النهاية يموت الأشرار و يموت من قبلهم المبادرون و يعيش الهادئون الذين يكتفون بالمشاهدة و التحليل.
عندما كان طالبا ، كان يستذكر دروسه جيدا و لكنه كان يخاف أن يبادر بالإجابة في الأسئلة الشفوية فلم يكن المدرسين يعيرون له انتباها كثيرا فإذا به يفاجئ الجميع بتفوق ملحوظ و درجات نهائية لأنه كان في الفصل يتلكأ هنيهة قبل أن يجيب فيبادر المتسرعون و يجيبون بدلا منه.
و كذلك في العمل و الزواج عندما قرر ألا يستجيب لشعوره بالإرتياح لفتاة بعينها حتى لا تأسر عقله و توقفه عن التفكير بمنهجية و تريث.
بالرغم من كل هذا ، كان تعيسا .. كان يتوق للحظة من لحظات الخطر التى يعيشها من حوله ، كلما هم بالمبادرة أعاده خوف مغلف بالحكمة للصفوف الخلفية ..متواريا عن الأنظار كان .. لأنه كان يلعن النور الذي يفضح خوفا من تغيير قد يخرجه من صندوق الدفء.
بالأمس رأى "أمل" ابنة جاره الخلوق، الفتاة ذات العشرون ربيعا ، رأها تسير في الشارع المجاور كان يتعقبها شابا من هؤلاء الذين باعوا حياتهم للحظات السعادة الوهمية في المخدرات و العنف ، كان يضايقها بكلماته الخادشة تارة و يعترض طريقها تارة أخرى ..
فكر ..لم يعجبه الأمر ، كان يريد أن ينقذها من ذلك الشاب الطائش لكن شكل الشاب و خلفية الرجل العقلية عن البلطجية جعلته يتلكأ هنيهة علّ أحد المارة يبادر بالدفاع عن الفتاة و دفع المجرم عنها و قد حدث .. عاد الرجل إلى بيته مرتاح البال فقد أُنقذت الفتاة على كل حال و مر الأمر بسلام ، صحيح أن الذي أمسك بالبلطجي اكتفى بتوبيخه و تركه إلا أن الأمان قد عاد للشارع و هذا هو الهدف المرجو.
اليوم .. كان يسير بجوار ابنه في نفس الطريق ، لم يكن يعلم أن لابنه عداوة قديمة مع نفس البلطجي إلا عندما رآه يشهر سلاحه في وجه ابنه ، هذه المرة لم يكن للعقل مجالا .. لم يتلكأ و لم يفكر ، لم يتمنّ على المارة أن ينقذوا ولده فلقد كان يعرف جيدا أن المارة "هادئون ، عاقلون ، متريثون " مثله .. قرر أن يبادر كي يدفع الموت عن ولده .. تلقى الطعنة في قلبه ثم مات.
انتحبت زوجته و أولاده ، بكاه بعض المارة وعادوا لمنازلهم ليحكوا عن قصته لذويهم ثم تناسوا الأمر بعد أيام قليلة ... وحده هو كان سعيدا لأول مرة .. فللمرة الأولى ذاق طعم المبادرة .. و للمرة الأولى أحس بعد الموت أنه كائنا حيا