أيا مهجتي
أمانة ما يمشي
ورا جثتي
سوى المتهومين بالوطن
تهمتي
فداكي بدمايا اللي شاغلة الخواطر
بطول الزمان
هم دائما من حوله يبادرون .. أما هو فله الخطوات الثانية ، العقل في المنطقة الثلجية و الجسد في المنطقة الدافئة دوما .
ينعت نفسه بالحذر ، يراه الناس عاقلا متريثا .. قليل الخطأ كثير المبررات ، يحلل أكثر مما يفعل .. هو الرابح الوحيد من كل الصراعات التى تحيطه ففى النهاية يموت الأشرار و يموت من قبلهم المبادرون و يعيش الهادئون الذين يكتفون بالمشاهدة و التحليل.
عندما كان طالبا ، كان يستذكر دروسه جيدا و لكنه كان يخاف أن يبادر بالإجابة في الأسئلة الشفوية فلم يكن المدرسين يعيرون له انتباها كثيرا فإذا به يفاجئ الجميع بتفوق ملحوظ و درجات نهائية لأنه كان في الفصل يتلكأ هنيهة قبل أن يجيب فيبادر المتسرعون و يجيبون بدلا منه.
و كذلك في العمل و الزواج عندما قرر ألا يستجيب لشعوره بالإرتياح لفتاة بعينها حتى لا تأسر عقله و توقفه عن التفكير بمنهجية و تريث.
بالرغم من كل هذا ، كان تعيسا .. كان يتوق للحظة من لحظات الخطر التى يعيشها من حوله ، كلما هم بالمبادرة أعاده خوف مغلف بالحكمة للصفوف الخلفية ..متواريا عن الأنظار كان .. لأنه كان يلعن النور الذي يفضح خوفا من تغيير قد يخرجه من صندوق الدفء.
بالأمس رأى "أمل" ابنة جاره الخلوق، الفتاة ذات العشرون ربيعا ، رأها تسير في الشارع المجاور كان يتعقبها شابا من هؤلاء الذين باعوا حياتهم للحظات السعادة الوهمية في المخدرات و العنف ، كان يضايقها بكلماته الخادشة تارة و يعترض طريقها تارة أخرى ..
فكر ..لم يعجبه الأمر ، كان يريد أن ينقذها من ذلك الشاب الطائش لكن شكل الشاب و خلفية الرجل العقلية عن البلطجية جعلته يتلكأ هنيهة علّ أحد المارة يبادر بالدفاع عن الفتاة و دفع المجرم عنها و قد حدث .. عاد الرجل إلى بيته مرتاح البال فقد أُنقذت الفتاة على كل حال و مر الأمر بسلام ، صحيح أن الذي أمسك بالبلطجي اكتفى بتوبيخه و تركه إلا أن الأمان قد عاد للشارع و هذا هو الهدف المرجو.
اليوم .. كان يسير بجوار ابنه في نفس الطريق ، لم يكن يعلم أن لابنه عداوة قديمة مع نفس البلطجي إلا عندما رآه يشهر سلاحه في وجه ابنه ، هذه المرة لم يكن للعقل مجالا .. لم يتلكأ و لم يفكر ، لم يتمنّ على المارة أن ينقذوا ولده فلقد كان يعرف جيدا أن المارة "هادئون ، عاقلون ، متريثون " مثله .. قرر أن يبادر كي يدفع الموت عن ولده .. تلقى الطعنة في قلبه ثم مات.
انتحبت زوجته و أولاده ، بكاه بعض المارة وعادوا لمنازلهم ليحكوا عن قصته لذويهم ثم تناسوا الأمر بعد أيام قليلة ... وحده هو كان سعيدا لأول مرة .. فللمرة الأولى ذاق طعم المبادرة .. و للمرة الأولى أحس بعد الموت أنه كائنا حيا