٢٠١٠-٠٦-١٦

قلب الوطن مجروح



عن الظلم في أفظع صوره ..عن البشاعة و البشر الذين لا يرتقوا لمستوى الذئاب ..عن الفساد الذي يجري في الأرض ككرة اللهب تزداد كلما سرت ...عن كل هذا تحدث و أسهب فأنت في مصر
لا أحب الحديث بهذه الصورة السلبية عن بلدي ، لكن الظالمين لم يتركوا لنا مجالا للمدارة أو الصمت ، فالأمر أصبح فوق حدود التخيل

قلبي يقطر دما على هذا الشاب البرئ الذي قتل بدون أي جريرة ، قتل بدون أن يشتم في الحكومة أو يشارك في اضراب أو يفعل جريمة يعاقب عليها القانون ، قتل فقط لأنه اعترض أن يعامل بطريقة لا تحترم آدميته .
الأمر أفظع من قانون الغابة فالغابة على الأقل بها من يرحم المسالم لا يقتله بأيد شيطانية و يرميه على قارعة الطريق بهذه الوحشية ،
أضع نفسي في موضعه ، شاب في مقتبل حياته يحلم بمستقبل أفضل يعمل كمواطن صالح في بلده يحاول أن يتلمس طريقه وسط التيه الذي نعيش فيه ووسط الضباع التى تتربص لنا في كل مكان .
يخرج من بيته كعادته يذهب لصديقه في احدى محال الانترنت ، يدخل المحل و هو لا يعلم انه سيخرج منه مكبلا مسحوبا كالفريسة في يد حيوانات شيطانية مضجرا في دمائه و آثار التعذيب تكاد لا تبين له ملامح .
كل هذا بلا جريرة أو ذنب ، و أي ذنب في هذا الكون يستحق الانسان به هذا الجزاء؟
و الأفظع ألا يترك لك القتلة حتى سيرتك الحسنة أو أن يترحم عليك أحدهم بل ينتهكون ماضيك بالتلويث و تلفيق الاتهامات و نسبها لك و أنت ميت لا تستطيع الدفاع عن نفسك ، لا تتمكن من أن ترفع صوتك فيهم قائلا لا ، لم أكن تاجرا للمخدرات ، لم أكن مجرما يوما ، لم أتهرب من التجنيد كما ادعوا ، هم فقط مجموعة من الجناة الأغبياء يحاولون التستر بشكل مرتبك على جريمة اعتادوها في السر لكن الله فضحهم على رؤوس الأشهاد.
منذ أن علمت بالحادثة تكاد صورته لا تفارق ذهني ، البراءة في عينيه ووجهه الطفولي يحلفان لمن كان له قلب أنه لم يقترف يوما ما اتهموه به ، يحدثان عن شاب كان يحمل الكثير و يحلم بالكثير للمستقبل و للحياه ، تراه كان يحلم بأن يصير رجلا ذا شأن في هذا العالم ؟ تراه كان يرسم حلمه كل يوم كما أراده؟ تراه تذكر هذا الحلم عندما كان يفارق الحياة بين أيدي هؤلاء السفلة؟
لحظة الموت..تراها كانت أليمة؟ أم أنها هكذا لنا نحن الصامتون الذين يكتفون بالنظر من خلف المشربيات خشية بطش المماليك، تراه لعن صمتنا ألف مرة قبل أن يموت؟ أم تراه لعن الظلم و القسوة و تركنا لنلعن أنفسنا ؟ تراه كان يأمل في كلمة أخيرة لهؤلاء الذين خذلوه أم لهؤلاء الذين يتأوهون كلما رأوا صورته دون أن يعرفوه ؟ كل ما نعلمه الآن أن الطغاه لم يتركوا له مجرد لحظة ليستبين وجه قاتليه ، فقاتلوه كثيرون بكثر هذا الشعب الصامت صمت أبي الهول
قبل النوم أفكر في أمه ، تراها تستطيع أن تنام الليل بدون ولدها ؟ هم حرموها من أن تلقى عليه نظرة أخيرة بسلام ، و إن كان الموت قدره في نهاية الأمر في هذا الوقت لكنهم ببشاعتهم حرموها أن تذكر وجه ولدها الجميل الذي تعبت في تربيته ثمان و عشرون عاما ، فقط تركوا لها صورة مشوهة و كومة من العظام المتكسرة و دماء تلطخ كل شئ ليكونوا صورة أخيرة لفلذة كبدها ، فأي صبر ندعو لها به لتتحمل كل هذا إنها تحتاج صبرا لا يعرف مداه إلا رب العالمين ..فلندع لها
و لندع أيضا لهذا الوطن الذي يذبح أبنائه كل يوم بدم بارد ثم يأتى في اليوم الآخر ليبكي و ينتحب من إثر ما اقترف البارحة ليعود في الغد مرة أخرى ليقتل واحدا من أبنائه و تتكرر المأساة كل يوم و الوطن لا يكل و الأبناء لا يصمدون.
خالد : لم تكن مأساتك الأولى أو حتى الأخيرة ، لكنها كانت الأبشع على الاطلاق ، حركت قلوبا كانت قد ماتت منذ زمن و اعتادت كل ما هو رهيب و خارق إلى أن أثبتت ماساتك أن المدى لا يدرك في حجم الوحشية و أن هذا الذي يكتفى بالمشاهدة من بعيد هو بطل قصة الغد الذي سنقف جميعا نتحسر عليه كحسرتنا عليك ليحصد الطغاة كل يوم رأس واحد من هؤلاء الصامتين.

رحمك الله و صبر أهلك صبرا بقدر مصيبتهم و رحم الله مصر من حاضر هو الأسوأ و مستقبل هو الأكثر غموضا

هناك تعليقان (٢):

أنا - الريس يقول...

من قتل يقتل ولو بعد حين
حسبي الله ونعم الوكيل
حسبي الله ونعم الوكيل
حسبي الله ونعم الوكيل

ش باقي مني غير شوية ضي ف عينيا

أنا هاديهوملك

وامشي بصبري ف الملكوت

يمكن ف نورهم تلمحي خطوة

تفرق معاكي

بين الحياة والموت

مش باقي مني غير شوية نبض ف عروقي

خُدي.. وعيشي..

وافتحي لي تابوت

AHMED SAMIR يقول...

حادثة رهيبة
مأساوية
اثرت و مازالت على الحالة النفسية و المزاجية لنا جميعا
لم اعد أأمن على نفسي او عائلتي
لابد من حل...تحقيق عادل و قصاص
اللهم ارحمه و اقتص ممن قتلوه يارب العالمين