٢٠١١-٠٦-٠٩

هاجس النهاية



أعرف ...
أنى أجيد البدايات ، بدايات أي شئ و كل شئ يتعلق بحياتي ، علاقاتي بالآخرين ، عملى ، حديثي ، حتى أحلامي تكون في أولها جميلة .
أتحمس جدا في البداية ، أنطلق كأن شيئا في هذا الكون لن يعيقني أبدا ، أعد كل الأسلحة الممكنة و الوسائل التى تبقيني على حماسي هذا ، أشحذ ذهني كي أقنع نفسي أن ما اخترته هو الصواب و أن الصواب لا يخالفه أبدا ..... ثم ...يأتى الفتور
فتور في العمل ، فتور في الحديث ، فتور في الأحلام ... و بعده النهاية أو فزعة الكابوس.

أعترف ...
أنى أسوأ من ينهي أو ينتهي من أي شئ ، تلك القناعات التى أقنع نفسي بها بأن البداية لم تكن صحيحة أو أن الطريق لم يكن كما رسمته أو أن الصواب الآن هو الترك و الذهاب إلى طريق آخر يحمل من الصواب ما هو أكثر.
لا يعني هذا بالضرورة أننى أندم في النهاية ، فالعكس هو الصحيح ، دائما ما اقنع نفسي بأننى كان لابد لي من الخوض في الطرق القديمة حتى أتعلم منها و أكتسب خبرة في الحياه ، و لكن كم من السنوات تكفيني كي أتعلم ... و إلى متى سيتسع العمر لخبرات أكثر؟
ما يقلقني بحق ليست السنوات الماضية و التى راح منها الكثير في التعلم - أعرف جيدا أن الإنسان يظل في ساحة التعلم ما نبض فيه قلب - و لكن ما يخيفني هي النهاية .. النهاية التى لا أجيدها أبدا و لا أعرف كيف أجيدها
لكم تمنيت ألا تكون ككل شئ أنهيه .. فاترة أو مفزعة كالكوابيس، تمنيت ألا يسكن الكون بموتي و ألا يعيش الناس حياتهم بشكل طبيعي بعد أن أرحل ، تمنيت أن يغير موتي شيئا في الحياة أو في حياة أحدهم على الأقل ... ليس هذا هو الأهم بل الأهم ماذا سيفعل موتي بي أنا؟

عندما ألقى ربي هل سأكون قانعة بكل شئ فعلته ؟ هل سيكون دوري قد تم بالفعل ؟ أم سأقول تلك الكلمة التى أخشاها كثيرا " رب ارجعون لعلى أعمل صالحا فيما تركت"
هل عندما أجد ملك الموت سأستقبله كغريق يستقبل منقذه قائلا " أخيرا ينتهي الامتحان" أم سيكون جوابي " لم أنته من الإجابة بعد" ؟

يقول أحد الصالحين : " الطريق إلى الله طويل و نحن نسير فيه كالسلحفاه ، ليس الهدف أن نصل إلى نهاية الطريق و لكن أن نموت على الطريق "

اختلفت حياتي و قناعاتي كثيرا ، بل تختلف في اليوم الواحد عشرات المرات ... أعلم أن التغيير سنة الحياة في كل شئ الأشياء و الأشخاص و الأحوال ، لكن الهاجس دائما يأتيني بلا انقطاع ...ترى هل أموت على الطريق؟!

اللهم يا مقلب القلوب و الأبصار ...ثبت قلبي على دينك

٢٠١١-٠٦-٠٧

ذكرياتى مع اليمن السعيد




عندما سمعت نبأ سفر على عبد الله صالح الرئيس السابق- اللهم اجعله كذلك- لليمن إلى السعودية لا أدر لم استبشرت خيرا ، كان الخبر مقتضبا في وكالات الأنباء في البداية فلم نستطع أن نفهم أغادر اليمن هاربا من الثوار أم متخليا عن الحكم أم للعلاج كما أشيع بعد ذلك؟

و أيا كان السبب فالخبر في حد ذاته يحرك المياه الراكده منذ فترة في شأن أخبار الثورات العربية التى تعانى ألام مخاض صعب و طويل وسط انشغالنا في مصر بثورتنا الوليدة و انشغال اخواننا في الدول العربي كل في شأن بلده المضطرب
و أيا كانت النتيجة فعلى عبد الله صالح و جميع الحكام الذين سمحوا لأنفسهم أن تسال دماء الشهداء في سبيل بقائهم على كراسيهم الزائلة قد حكم عليهم التاريخ بالعار و الموت من قبل أن يتنحوا و سوف يتنحوا قريبا إن شاء الله

وقت ان علمت الخبر أعاد إلى ذاكرتى اليمن الذي كنت أعرفه في سن الرابعة .. كان أبي معارا إلى اليمن و أنا في ذلك العمر و قضت عائلتنا هناك نحو عامين كاملين ، لا تسعفنى ذاكرتى بالكثير إلا مشاهد و أشخاص بعينهم .
اليمن بلد جميل خصب و غني ، طبيعته خلابة ، تملؤه الجبال الخضراء و الصفراء ، أتذكر عندما كنا نقيم في منطقة تعز فوق جبل عال ، المطر يأتينا كل يوم بلا انقطاع محملا بقطع الثلج البيضاء النقيه ، كنا نجمعه في اناء أنا و اخوتى و نلهو به في الحديقة .
البشر .. لم أر بعدهم في حياتي من هم بطيبة و نقاء أهل اليمن ، عندما يحكي لي أبي عن المواقف و الاشخاص الذين قابلهم في اليمن أتمنى لو كان سنى أكبر عندما كنت هناك لأعاشرهم بحق لا لأن يكونوا في ذاكرتى مجرد خيالات من الطفولة.

أتذكر " أم هنيلة" جارتنا الطيبة الجميلة و أبناءها الستة لا أذكر من اسمائهم غير هنيلة ذات الوجه الجميل و الشعر شديد السواد و صالح الصغير الذي كان يملك سيارة لعبة كبيرة حجمها يشبه حجم السيارات الحقيقية ، لم يرفض يوما أن نركب معه فيها أو نشاركه اللعب بها .
أتذكر أيضا " جوهرة" الفتاة التى في سن العشرين صاحبة أطول شعر رأيته في حياتى ، كانت جوهرة عندما تزورنا تجلس على الأرض فقد كانت ترتاح للجلسة العربية التى يعتادونها هناك أكثر و كانت أمي تجلس بجوارها ، كنا نحب جوهرة جدا متعلقين بها أنا و اخى الصغير بشكل كبير ليس فقط للطفها و حلو حديثها بل لأنها كانت تسمح لنا بأن نفرد شعرها الطويل عندما تجلس هي و أمي و نلعب به نختفى وراءه كستارة تارة و نربط جزءا منه تارة و نضع به كل ما اوتينا من توك و أمشاط تارة أخرى دون ضجر أو ضيق منها .... كنا أشقياء بحق
و لكن برغم هذه الشقاوة فقد كافئنا جوهرة على تحمل لعبنا بأن أطلقنا على اسم الجامع الذي بجوار بيتنا هناك و الذي بالصدفة كان اسمه " جامع جوهرة " أضفنا اليه كلمة كي يصبح " جامع شعر جوهرة" و كلما سمعنا منه الأذان رددنا : الشيخ بيأذن في جامع شعر جوهرة :)

ليست جوهرة و لا أم هنيلة فقط من أذكرهم بل هناك امرأة أخرى كلما تذكرناها في عائلتنا همهمنا جميعا : " ترى ألازالت حية ترزق؟ أم تغمدها الله برحمته؟"
انها الحاجة " فن" ...نعم كان هذا هو اسمها اسم جميل لامرأة كانت بمنتهى الطيبة و التسامح و الكرم ، أتذكرها عندما كانت تأتى لتساعد أمى في تربيتنا ، كانت تأتى كل يوم باللبن و " الكدم" من أجل أخى الذي كان رضيعا في ذلك الوقت
و الكدم لمن لا يعرفها هي نوع من الخبز يشبه إلى حد كبير الخبز الشمسي في صعيد مصر إلا انه أصغر حجما و استدارة ، اتذكر طعمه مع " السحاوق" - أكله تشبه التبولة اللبنانية مضاف إليها الشطة و الفلفل الحار- و الدفء المنبعث من حديث هذه السيدة السبعينية العمر طيبة الكلام ، اتذكر جملتها التى تذكرنى بها أمى كثيرا عندما كانت تقول لها " هاكا خضرا زي بنتك "...فقد كانت تنعتني بالخضراء في اشارة لبشرتى الخمرية .

و ذكريات كثيرة كثيرة لا تسعها تدوينة واحدة ، كلها تعيد إلى قول الرسول صلى الله عليه و سلم عن أهل اليمن " الإيمان ها هنا" ، تعيد إلى لحظات أتمنى أن أراها مرة أخرى إن قدر الله لي و زرت اليمن الشقيق بعد أن يتحرر إن شاء الله قريبا على يد أبناءه من عهد الغفوة و الظلم.
اللهم كن معهم و انصر عبادك المؤمنين في اليمن و في سائر البلاد العربية ..

٢٠١١-٠٦-٠٦

خالد الشهيد ...سعيد



ترى أي شئ فعله ذلك الشهيد كي ينال ثواب 80 مليون إنسان تحرروا من عصر الجليد و التخلف
هل هو اعتراضه أن يهان من أي إنسان ...كرامته التى حفظها فمات من أجلها ؟ أم هو الظلم الذي تعرض له حيا و ميتا؟
ما الذي يجعل آلاف و ملايين الناس يعتبرون موته بهذه الطريقة - و هو ليس الأول و لا الأخير الذي يموت بنفس الطريقة- طامة كبرى و فحشا في الظلم و التحدى لكرامة البشر؟ لماذا هو بالذات؟
لماذا هو بالذات الذي يخرج من أجله الآلاف في وقفات احتجاجية و يختمون القرآن مئات المرات و يهدونه لروحه ، و ما الذي يجعل الكثيرين يقومون بأداء العمرة من أجله؟
الإجابة و ببساطة...ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم

شاب مات فأحيا أمة بموته ، أراه الآن سعيدا و خالدا ، فقد خلده الله بأن جعله واحدا من أسباب صحوة أمة ، أعلم أنه ليس السبب الرئيسي و لكنه كان التجسيد لكل مآسينا مع نظام كان يميت فينا الرجولة كل يوم ، نظام حاول خالد أن يقف أمامه بفعل بسيط - أن رفض أن يهينه أحد- فضربوه حتى الموت ، لعله قد نظر إلى قاتله قبل أن تزهق روحه نظرة جعلت الأرض تصحو من غفوتها و النيام يفيقون على مصيرهم إن يوما استكانوا و خنعوا لجلاديهم ، نظرة قتلت القاتل قبل أن تقتل الشهيد.
لعله الآن في الجنة ينظر لنا و يبتسم ابتسامة الرضا ، فهو و إن كان بموته مات أطفاله المتوقعين و أمة ربما كانت جاءت من نسله إلا أن الله جعل في موته حياة لأمة أخرى كانت نائمة نوم أهل الكهف ..
أشكرك يا خالد أن كنت سببا في صحوتنا ، رحمك الله و صبر أهلك و أسعدهم في الدارين ، و بارك لنا في مصر و في عقولنا كي لا نضيعها بعدما دفع الشهداء حياتهم من أجلها...

ما تحسبوش الشهيد اداكوا بس حياة
ما موتوش هو وحده اللى برصاصة رماه
ده طخ ابنه اللى لسه ما اتولدش معاه
وطخ أولاد ولاده لآخر الأيام
موت معاه بشرية كاملة محتملة
عدوا بقى فيها كام شاعر وكام رسام
وكام طبيب عبقرى بين الأطبة إمام
وفيلسوف له على حكم الليالى كلام
وبنت نظرتها تشفى القلب من داؤه
فى شعب كامل رحل ما عرفش أسماؤه
في جسم كل شهيد فيه مصر مكتملة
فخلوا مصر اللى فاضلة تعيش كما شاؤوا

تميم البرغوثي - يا شعب مصر

انفض ثقيل حملك ...اقتباس مشروع :)



اليوم ليست تدوينتى أنا و لكن تدوينة أعشقها للمدون المحترم أحمد الدرينى
هذه التدوينة تعبر عن حالتى الآن بحق
أدعوكم لأن نتمعنها سويا
و ننفض عنا ثقيل حملنا :))



٢٠١١-٠٦-٠٤

و نرتاح لناس عن ناس



هم يسمونها : الكيمياء ... نعم يسمونها كذلك
لا اقصد تلك التى درسناها و يعلم منا الكثير عن أصولها ...لا اقصدها تلك التى تحمل في طياتها h2so4 أو يد كب اتنين ألف كما كان يدرسها أباؤنا و أجدادنا ...ليست هي على الإطلاق
و لا أعنى بالتأكيد تلك التى يغني لها الممثل الشهير و يتغنى بها معه المدمنين و المشبوهين ، كل ما اقصده هي تلك الكلمة التى يطلقها الناس على تآلف الأرواح و قبولها بعضها البعض أو العكس ...الكيميا
حدثنى عنها يا سيدي فلقد كنت أؤمن بها لعهود طويلة ثم فجأة كفرت بها و بكل ما تأتى به.
ما الذي يجعل الأرواح تتلاقى فتتآلف و كأنها تعرف بعضها من سنين طويلة ، تتجاذب أطراف الحديث و كأنهم اخوة دم تتقارب حد التوحد ثم تعود لتتنافر ثم و ياللعجب تتصارع صراعا مريرا ، و بشئ بسيط جدا تعود .. و كأن شيئا لم يكن
ما الذي يجعلنا نتحمل الكثير من أناس لم يكونوا لنا شيئا من قبل و لم نكن لهم ، و ما الذي يجعلنا لا نتحمل ممن هم لنا بكل جوارحهم أحيانا أشياء أخرى تافهة و بسيطة؟
أعلم أن الارواح جنود مجندة و أنا على يقين أن هناك مكان ما تتلاقى فيه الأرواح بعيدا عن عالمنا و صخبه ..لكن هل تتنافر الأرواح في هذا المكان و تتشاجر ثم تعود كما الماء الصافي في لمح البصر كما يحدث في عالمنا؟
و هل هناك عوامل حفازة كما في علم الكيمياء الذي ندرسه في عالمنا تساعد على التفاعل إما بالسلب أو الايجاب؟
يا الله لكم أتعبت تلك " المجهولة" في تفسيرها الكثير و الكثير و لم يتوصل أحدهم إلى كنهها يوما .
خبرني بالله عليك فلقد تعبت روحي في تفسير أفعال تلك الأرواح .. و أنا إذ أسأل عنها فقط للمعرفة و لكن لا يطالبنى أحدكم يوما أن أبنى قرارا أو مصيرا أو فعلا علي تلك " المجهولة" ..
صحيح أنها كانت لي في بعض الأحيان مصدرا للخير لكنى لم أر الشر يوما إلا منها و مما تخفيه خلف وجهها الجميل .....


٢٠١١-٠٦-٠٣

الشكوى لغير الله ..مذلة



قال الأحنف بن قيس: شكوت إلى عمي وجعا في بطني فنهرني ثم قال: يا ابن أخي لا تشك إلى أحد ما نزل بك فإنما الناس رجلان : صديق تسوؤه و عدو تسره.

يا ابن أخي: لا تشكو إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله لنفسه ولكن اشك إلى من ابتلاك به فهو قادر على أن يفرج عليك.

يا ابن أخي إحدى عيني هاتين ما أبصرت بهما سهلا ولا جبلا منذ أربعين سنة و ما أطلعت ذلك امرأتي ولا أحدا من أهلي..........

٢٠١١-٠٦-٠٢

اللى اتقتل



قعدنا نتعب في حساب و عد
و قلنا يعني ايه العمل؟

فقالوا : ثورة
فقلنا : ياللا
خرجنا قلنا مفيش رجوع
من غير ما يمشي مفيش أمل

لقينا ضرب و حديد و نار
و ناس تصدك بلا كلل

فقلنا يعني معقول هنرجع؟
صرخ شبابنا : ماترجعوش
الأرض لسة ما اتحررتش
من اللى ذل فيها العباد
و أكلها سهلة بلاعمل

و قتل ما بيننا ولاد صغار
و أمهات
رجالة ثابتة زي الجبل

و قتل عيون كانت تنور
في قلب أمة تهدي الأمل

يا ناس يا عايزة تنام و بس
ما يهمهاش
دم القتيل اللى اتقتل

لو كان قريبك ..كنت سبت اللى عملها بلا حساب؟
كنت نمت ؟
كنت كلت اللقمة عادي؟ من غير ماتعرف ليه اتقتل؟

اللى اتقتل
مش حد عادي
اللى اتقتل
مات لاجل تبني لابنك حياة
يعيشها صافية بلا فشل

من غير مايلقى انسان خرافي
يعد نَفسه و يقوله هات
ضريبة ادفع زي الحمل
على النفس ، على الهدوم ، على الكلام و على السكات
ادفع و ادعى ما ييجي بكرة
لأن بكرة مفيش أمل

اللى اتقتل
جاب لينا حق سنين قديمة
عداد و داير من زمان
على اللى باع و على اللى خان
جابهولنا صافى من غير تعب
فمش خسارة
نتعب شوية
علشان ينام في التربة حي
من غير وجع
من غير ألم
و نعيش حياتنا
نفتكرله و نبتسم له
و نقوله شكرا
حررتنا .. من العلل

٢٠١١-٠٦-٠١

من نسج الخيال



في حفل توقيع روايتها كنت معها ، و من غيري يساندها في مثل هذه الأوقات ؟ من غير صديقتها التى تعرف عنها كل شئ و تقف بجوارها في كل المواقف ؟
أحيانا أشعر أن " حنان" ابنتى و ليست صديقتى ، هي رقيقة كورق الخريف و ضعيفة ضعف الأطفال و بريئة مثلهم ، وجهها ملائكي ليست مبهرة الجمال لكن ملامحها تجعلك مجبرا على حبها مهما كنت سئ الطباع ..و في ضعفها تكمن أزماتى معها

بالكاد تجاوزت أزمتها الأخيرة و تجاوزتها معها ، أسوء ما في حنان أنها عندما تضحك تنير الدنيا ضحكا و مرحا و عندما تحزن تملأ الكون كآبة و كأن الكون خلق حزينا من الأصل .
تظنني دائما بهذه القوة التى أتظاهر بها أمام دموعها عندما تضعف و تتذكر من كسر قلبها ، تظنني قاسية القلب عندما أسبه لها مائة مرة كي تعلم أنه ليس بهذه الصورة التى توهمتها فأحبتها يوما ... هي لا تعرف أننى كنت أقضي ليال طويلة أنتحب من أجلها دون أن يسمع نحيبي أحد.
أعلم أن الله قد بعثني لها لأعوضها عن أبوين فقدتهما صغيرة و أخوة لا يعرفون معنى الأخوة و المؤازرة ...أخبرتني بذلك عندما كنت ألازمها في محنتها مع ذلك الوغد وعندما صدقت نبؤتى فيه... و ليتها لم تصدق .

تجاوزت حنان الأزمة بعد شهرين من النوم و المرض و الانقطاع التام عن الحياة إلا عن وجهى المشفق عليها ، و بعد هذه الفترة أخبرتني بأنها ستعود للكتابة من جديد و ستبدأ بالكتابة عن قصتها التى خرجت منها لتوها.
عندما سمعت الخبر قلقت عليها أخبرتها بأنها و كأنها تنكأ الجرح من جديد و تعيد لذاكرتها كل ما لاقت من أحزان فكان جوابها مقتضبا " دعيني أنزف دمي جهارا علَّ قلبي يقسو و لو مرة على نفسه فيشفى"
وافقتها على مضض ، فالانخراط بشئ تحبه كالكتابة ربما يكون عوضا لها عن وغد كانت أسيرته لعامين.

اليوم أرى وجهها قد تغير ، حنان الرقيقة ترتدي نظارة تجعلها تبدو أكبر بخمسة أعوام عن عمرها الحقيقي ، تتحدث بعين الناقدة و المحللة لشخصيات روايتها ، تذم في ضعف بطلة روايتها و تنعتها ب" المازوشية" و تنعت البطل الوغد ب" السادي" ...ربما كبرت حنان في خمسة أشهر خمس سنوات بالفعل .. الأحزان تجعلنا أكبر

أدارت محرك السيارة و معه راديو السيارة الذي أتى بصوت ماريا كاري مطربتها المفضلة بعد ساعتين من النقاش النقدي حول روايتها ، كنت مرهقة من الحديث المتخصص في شئ ليس من اهتماماتى إلا أن روحي كانت تنتشي بعد أن وجدت من حنان قوة لم أكن أعلم أنا أقرب الناس إليها أنها تكمن داخلها ، أخبرت حنان أننى فخورة بها فقالت :
" عارفة يا سلوى نفسي في ايه؟"
" في ايه؟"
" نفسي اكتب رواية جديدة ..."
" تاااااني يا حنان"
ابتسمت قائلة : " بس المرة دي ... من نسج الخياااال "
ارتفع صوت ماريا كاري من المذياع

" , and you finally see the truth : that a hero lies in youuuuuuu"


٢٠١١-٠٥-١٧

مهارة أن تقتل



تستعد لتقبل النسخة الجديدة منك، أدركت أخيرا أنه من الصعب أن تعود لما كنت عليه قبل أن تمتحنك الحياة ذلك الامتحان الصعب .

الخيارات محدودة ، أن يعطيك أحدهم نصلا حادا و يخيرك بين أن تقتل نفسك بيدك أو أن يفعلها هو.. الأمر ليس فيه خيار من الأصل ، في كل الأحوال لابد عليك أن تجيد دور الضحية فقط لأنه الدور الملائم لك في هذه اللعبة .
كم هو مؤلم ذلك الشعور أن أحدهم خذلك دون أن يكترث ، أنت تقول خذلك كي لا تواجه نفسك بأنه قتلك .

القتل هو أسهل ما يمكن للإنسان فعله في هذه الدنيا ، و إلا ما كان مارسه الإنسان منذ بداية الخلق ، فقط سجل رقما قياسيا في خذلان أحدهم بينما يسجل هو أرقاما أخرى في التسامح معك ،هدده بالقتل ، لن يصدقك ، سيقول لك كما قال المقتول لأخيه : " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك" ، لا تهتم ..أمعن في خذلانه أكثر و أكثر ، وقتها يكون الإختيار لك أنت أن تعطيه النصل كي يقتل نفسه أو أن تقتله أنت بدم بارد .

هذا إن كنت أنت القاتل..
أما أن تكون المقتول ..فسوف تموت أيام ثم تحيا بعد أيام كثيرة ، لن تكون بعدها إنسانا كاملا ، ربما لن تكون إنسانا من الأصل ، ربما حبة في حوصلة طائر أو طعما في فم سمكة في المحيط ، سيغدو الأمر سهلا إن قتلت مرة أخرى فقط عليك ألا تخبر القاتل الجديد أنك قد قتلت من قبل ، أنت بذلك تعطيه أداة القتل بسهولة و القتلة لا يستمتعون بالجرائم السهلة ، و سيضطر وقتها أن يقتلك ألف مرة كي يأتى بجديد في عالم السفاحين...

فاختر دورك في اللعبة قبل أن تبدأها : إما أن تكون ضحية تتلقى الطعنات من كل اتجاه دون مقاومة و ذلك هو دورك الوحيد
، أو أن تكون قاتلا محترفا ..على أن تقوم بأمرين :
الأول : واجبك كقاتل أن تحسن القتلة .
و الثاني : ألأ تكون القاتل الأول حتى لا تتحمل وزر كل من يقتل بعدك كما سيحمله ولد آدم عن كل البشر بعده .

ألم أخبرك من قبل أن دورك الوحيد هو أن تكون في هذه اللعبة ... ضحية!!

٢٠١١-٠٤-٢٥

شوية حاجات يمكن تنفعك




1- السعادة قرار : ده حقيقي مهما كنا بنقاوح في الموضوع ده صحيح مش دايما الحزن بايدينا لكن لما الحزن بيطول غالبا احنا اللى بنتسلذ الاحساس ده و بنطوله بمزاجنا.
2- لو عاوز تتعلم ماتاخدش كل الحاجات من اللى بيعلمك مسلم بيها ، اللى بيعلمك بيعلمك من خلال تجربته و رؤيته الشخصية اللى اكيد فيها قصور ،حط تجربتك الشخصية و نكهتك المميزة على الحاجة اللى بتتعلمها يمكن تتوصل لحاجة جديدة تعلمها للى علمك كمان.
3- عاوز تحس بشعور باباك و مامتك ، خليك مسئول عن طفل لمدة ساعة مسئولية كاملة يعني تبقى مسئول انك تسكته لو عيط و تأكله لو جعان و تغيرله كمان لو لزم الأمر ، ساعتها هتعرف يعني ايه الكلام اللى كانوا بيقولوهولك باباك و مامتك انهم ممكن يعملوا اي حاجة علشان انت تبقى كويس.
4- ما تحكمش على حد من انطباع شخصي واحد و لا من موقف واحد ، عادة الناس بتتغير ، جرب تقعد مع حد انت مش بتحب قعدته قوي لكن بنظرة مختلفة و حاول تفتش عن الحاجة الكويسة اللى فيه و أكيد هتلاقيها لو انت موضوعي و ساعتها هتعرف ان الحياة أجمل لما نتقبل بعض و ندي فرص لبعض أكتر و أكتر .
5- سيب للدنيا فرصة تفاجئك ، ماتستعجلش كل حاجة و ماتقولش ان حظك قليل و الناس حظها اكتر منك ، ربنا قسم المفاجآت الحلوة علينا بالتساوي لكن كل واحد بياخد مفاجأته في الوقت المناسب ، من الآخر ماتاخدش الدنيا عافيه :)
6- لو فاكر ان مأساتك أكبر مأساة في الدنيا فأحب اقولك انك أنانى جدا ، كل واحد فينا اتكسر و مر في حياته بامتحان كان بمثابة نقطة تحول ، فيه ناس اتغيرت لأنها كان لازم تتغير و ناس اتغيرت لأنها استسلمت و ناس تانية المأساة خلت معدنهم يبرق من كتر ما النار صهرته ، كل ما كانت مأساتك كبيرة و انت وقفت قدامها كل ما معدنك لمع بعد ماتخلص ..و أكيد هتخلص .
7- ماتحاولش تكون التاني بتاع حد لأنك مش هتعرف و لأنك هتضيع النسخة الأصلية منك .. أجمل ما فيك ان مافيش منك اتنين .
8- ماتحاولش تقلد النسخة القديمة منك حتى لو كانت أحسن بكتير منك دلوقتى... مفيش حد بيرجع لزي ماكان زمان ...لكن ممكن تبقى أحسن من زمان و من دلوقتى لما تعرف ايه الحاجات اللى كانت حلوة فيك زمان و تزودها على الحاجات اللى اكتسبتها دلوقتى و ان شاء الله الناتج يبقى بنى آدم أجمل .
9- مهما صعبت عليك الدنيا لما تدعي من قلبك هتجيلك رسالة من ربنا بتقولك انك مش وحيد ربنا اللى خلق الكون ده كله بيسمعك انت فلان الفلانى و بيستجيب ليك انت و شايفك فما تقلقش .
10 - لو اقتنعت بحاجة من الكلام ده كمل عليه و انا هضيفها و لما يوصلوا خمسة و عشرين نقطة هننشرهم تاني يمكن ينفعوا حد تالت :)

٢٠١١-٠٤-١٧

بعد رحيلك



و في يوم من الأيام
سأصحو لأجدني قد تخلصت من بقايا ملابسك و تصدقت بها على روحك لشحاذي المدينة كي أراك فيهم كل يوم
سأعود إلى منزلنا و سأوقد كل الشموع التى كنت تطفئها
سأفتح النوافذ كي أستقبل شمس يوم جديد و رائحة المطر لاتزال في أنفي
سأفعل كل هذا و أنا أحتسي قهوتي الصباحية
أعرف تلك الدمعة التى ستنحدر من عيني على أيام ذهبت إلى صناديق الذكريات ، لكنني سأمسحها سريعا عندما أنظر إلى مقعدك المفضل لأراه فارغا ، و ستزداد طمأنينتي عندما تطغى رائحة المطر على رائحة التبغ الكامنة في أنسجة المقعد

سأرفع عيني لأرى ذلك الجزء المكسور من المرآة ، ذلك الجزء الذي أصر ألا يتحطم في آخر معركة لك هنا ، عندما استقر قرينه بعد تناثر شظاياه في ذراعي .
سأكشف ذراعي لأرى كل الجروح قد التأمت ، و سأنظر لركن المرآة المكسور لأرى ابتسامتى قد عادت لتقول لي " البقاء لله"


٢٠١١-٠٤-١١

حكم قديمة


قليل من الحكم البديهية قد يفيد أحيانا
" الأشياء الثمينة نفقدها قيمتها عندما نهديها لمن لا يعرف قيمة الأشياء"

٢٠١١-٠٣-٢٢

بصر و بصيرة



أسير على السلك الشائك ، أتحسس طريقى بأطراف قدمي ، أدرك أن الطريق صعب و طويل
لكنه يحمل في النهاية وعد بالخير
لا أعبأ بصعوبة الطريق أو بالجروح التى قد تطال قدماي ، لا تهمنى سيول الدماء التى ستنزفها أطرافي ، كل ما يربك خطاي هي تلك الغمامة التى يصر أن يضعها المنافسون على عيني
يارب إن كنت قد قدرت على هذا الطريق الشائك ، فإنني أسألك أن تنير بصيرتي و تعوضني بها عن بصر حرمتني منه شراسة الشركاء

٢٠١٠-١٢-١١

إلى شبح



تلك الفتاة الساذجة التى قابلتها منذ حين ..لم تزل على عهدها بالطيبة و التفاؤل المموهين ، لم تزل تفتح عينيها على ضوء الشمس فتحسبه قادم لها وحدها من دون البشر

كل ما زاد عليها ، هو ذلك الخط الأبيض الذي لا يكاد يراه إلا من يحفظ وجهها القديم ، ذلك الخط الأبيض الذي صنعته دموعها منذ الفراق ، لا تقلق فالدموع تغسل القلب و العين و الخطوط البيضاء تخفيها المساحيق.


لا زالت تحب البشر على اختلافهم و على ما اكتشفته في طباعهم المقاربة لطباع الذئاب ، و لا زالت تعطي و لا تفكر في المقابل ، ربما تحزن قليلا إن وجدت أن معادلة ال 1 +1 ليس بالضرورة ناتجها أكثر من 1

عندما جمعتكما الاقدار كانت تظن ان ناتج المعادلة = 5 لكنها الآن أدركت أن الدنيا لا تعطي للمرء قدر ما يعطيها - و بالطبع ليس أكثر- لأنها ليست المنوطة بالعطاء لذا أدركت أن الزهد في النتائج أحسن الحلول.


عندما أخبرتها صديقتها أن شكلها تغير قليلا و أنها تشعر أنها ليست بخير ، لم تنبس بكلمة واحدة فقط أشارت لها بأن الأمر " عادي" و أن كل شئ سيسير على ما يرام ، لم تكن تعرف أنها ستسير على ما يرام عندما تدرك أنك كنت الدرس الذي تحتاجه بالفعل كي تكون أكثر حدة في مواجهة البشر و أنها لن تظل تلعب دور " سنو وايت" كثيرا، ربما تحتاج أحيانا لأن تكون الملكة ذات المرآة المسحورة لأنها لن تستطيع أن تلعب دور الأقزام السبعة.


أصبحت تقرأ كثيرا عن الأحلام و تفسيرها عندما أدركت أن معركتها الأخيرة معك تكمن هناك في هذا العالم المجهول ، فهي لن تظل تقاومك بالصراخ و الهرب كما في أحلامها ربما تحتاج أدوات أخرى كي تصهرك في عالمها الخفي و تعيد تدويرك كتمثال من حديد في متحف انجازاتها.


في المرة القادمة لا تترك الكثير من التفاصيل لمن تقابله لأن ذات التفاصيل التى ظننتها ستعيده إليك ربما تكون سلاحا ذا حدين و تعيدك أنت أيضا إلى نقطة لا تتمنى الرجوع إليها.


٢٠١٠-١٢-٠٦

٢٠١٠-١١-١٨

ذنوب


كفاك ذنبا
أنها أحبتك بكل برائتها على كل سوءك
حتى أنها تمنت حينا أن تكون على قدرك من السوء .. كي تحظي بك
لكن الله سلَّم
......
خواطر آخر الليل :)

٢٠١٠-١١-٠٤

فوق الإدراك


تراها رحمة؟
أنني كلما فكرت في هذا الأمر المؤلم و شعرت بذاك الصداع الذي يكاد يفتك برأسي ، و انهمرت الدموع من عيني بلا وعي
ركنت إلى الوسادة
و نمت نوم الأطفال متخذة وضع الجنين
!!!

٢٠١٠-١١-٠٢

مقام الزهد


أقسمت يا نفس لتنزلن لتنزلن أو لتكرهن
إن أجلب الناس وشدوا الرنة ما لي أراك تكرهين الجنة!

و ماذا لو أنه قد كتب عليك أن يكون هذا الأمر فتنتك و اختبارك في الدنيا ، أتنصر نفسك أم تنتصر لأشياء لن تكون لك إن لم يردها ؟
و من أدراك أنه في هذه المحنة ربما تكمن منحة تنتظر منك الجلد و الثبات في الوقت الراهن؟
أشقيتِ يوما بالدعاء؟
لكن النفس ضعيفة ، و المحنة أكبر من كل ما مررت به من قبل، أعلم ذلك و لكني أعلم أيضا أن الأجر يأتى على قدر المشقة ..فلا تحزن و لا تجزع ...إنما تقضى هذه الحياة الدنيا
ينقصك فقط في هذا الوقت أن تتذكر كيف كنت من قبل الفتنة و كيف كانت تسير حياتك ..أتذكر؟!
أتذكر ليالي الزهد في هذه الدنيا الزائلة؟ كم كانت جميلة تلك الأيام ، كانت تمر سريعا بلا أخطاء تذكر و لا دموع تذرف بلا جدوى
كانت أياما مليئة بأشياء ليس منها كل ما يشغلك من خواء الآن ، كانت أنقى و أطهر بلا أهواء تقيمك اليوم في السماء ثم تطرحك أرضا في الصباح
كنت تصحو على الخبز فتحمد ربك على القوت القليل ، و تنهض في نشاط مستحضرا نية إعمار الأرض فترى تعب الدنيا طريقا يفتح لك أفاق جديدة في العلم و التعلم لمهارات الدنيا كي تكون يوما أهلا لها ، أنت من طلقتها ثلاثا
فكيف لك أن تعيدها بيتك و هي عليك محرمة؟!
و إن أعدتها بيتك أتأمن مكرها؟ ألا تعلم جيدا أنها ما حلت إلا أوحلت
أنت تعلمها و تعلم دروبها الموحشة ، و تعلم أنك لو تركت لساقيك العنان فيها ستركض فيها ركض الوحوش في البرية و لن تنال إلا ما قد كتب لك و لن يزيد

يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت


و في النهاية ، سيكون الموت و الحساب ، بعد يومين؟ أم ثلاثة؟ لا يهم
المهم أنه قادم و أنك في كل يوم تصير إليه أقرب

يا صديقى
إن السلامة فيها ترك ما فيها
فاقنع بمقام الزهد فيها قبل أن يفرض عليك فرضا