٢٠١١-٠٦-٠١

من نسج الخيال



في حفل توقيع روايتها كنت معها ، و من غيري يساندها في مثل هذه الأوقات ؟ من غير صديقتها التى تعرف عنها كل شئ و تقف بجوارها في كل المواقف ؟
أحيانا أشعر أن " حنان" ابنتى و ليست صديقتى ، هي رقيقة كورق الخريف و ضعيفة ضعف الأطفال و بريئة مثلهم ، وجهها ملائكي ليست مبهرة الجمال لكن ملامحها تجعلك مجبرا على حبها مهما كنت سئ الطباع ..و في ضعفها تكمن أزماتى معها

بالكاد تجاوزت أزمتها الأخيرة و تجاوزتها معها ، أسوء ما في حنان أنها عندما تضحك تنير الدنيا ضحكا و مرحا و عندما تحزن تملأ الكون كآبة و كأن الكون خلق حزينا من الأصل .
تظنني دائما بهذه القوة التى أتظاهر بها أمام دموعها عندما تضعف و تتذكر من كسر قلبها ، تظنني قاسية القلب عندما أسبه لها مائة مرة كي تعلم أنه ليس بهذه الصورة التى توهمتها فأحبتها يوما ... هي لا تعرف أننى كنت أقضي ليال طويلة أنتحب من أجلها دون أن يسمع نحيبي أحد.
أعلم أن الله قد بعثني لها لأعوضها عن أبوين فقدتهما صغيرة و أخوة لا يعرفون معنى الأخوة و المؤازرة ...أخبرتني بذلك عندما كنت ألازمها في محنتها مع ذلك الوغد وعندما صدقت نبؤتى فيه... و ليتها لم تصدق .

تجاوزت حنان الأزمة بعد شهرين من النوم و المرض و الانقطاع التام عن الحياة إلا عن وجهى المشفق عليها ، و بعد هذه الفترة أخبرتني بأنها ستعود للكتابة من جديد و ستبدأ بالكتابة عن قصتها التى خرجت منها لتوها.
عندما سمعت الخبر قلقت عليها أخبرتها بأنها و كأنها تنكأ الجرح من جديد و تعيد لذاكرتها كل ما لاقت من أحزان فكان جوابها مقتضبا " دعيني أنزف دمي جهارا علَّ قلبي يقسو و لو مرة على نفسه فيشفى"
وافقتها على مضض ، فالانخراط بشئ تحبه كالكتابة ربما يكون عوضا لها عن وغد كانت أسيرته لعامين.

اليوم أرى وجهها قد تغير ، حنان الرقيقة ترتدي نظارة تجعلها تبدو أكبر بخمسة أعوام عن عمرها الحقيقي ، تتحدث بعين الناقدة و المحللة لشخصيات روايتها ، تذم في ضعف بطلة روايتها و تنعتها ب" المازوشية" و تنعت البطل الوغد ب" السادي" ...ربما كبرت حنان في خمسة أشهر خمس سنوات بالفعل .. الأحزان تجعلنا أكبر

أدارت محرك السيارة و معه راديو السيارة الذي أتى بصوت ماريا كاري مطربتها المفضلة بعد ساعتين من النقاش النقدي حول روايتها ، كنت مرهقة من الحديث المتخصص في شئ ليس من اهتماماتى إلا أن روحي كانت تنتشي بعد أن وجدت من حنان قوة لم أكن أعلم أنا أقرب الناس إليها أنها تكمن داخلها ، أخبرت حنان أننى فخورة بها فقالت :
" عارفة يا سلوى نفسي في ايه؟"
" في ايه؟"
" نفسي اكتب رواية جديدة ..."
" تاااااني يا حنان"
ابتسمت قائلة : " بس المرة دي ... من نسج الخياااال "
ارتفع صوت ماريا كاري من المذياع

" , and you finally see the truth : that a hero lies in youuuuuuu"


هناك ٤ تعليقات:

r يقول...

الواقع هو النجاح مهما كان سئ
ومهما تفننا فى الخيال سندس فيه واقعنا بلا محال
القصه جزء من كل بلا شك

الحلم العربي يقول...

بالفعل ، و الحياة تجمل من الواقع ما هو اكثر من الخيال ، لكن للمبدعين آراء أخرى أو أمنيات أكبر أن يصيغوا واقع الناس الذي يعد بالنسبة لهم خيالا لا واقعهم هم
شرفنى مرورك :)

الشوكة الناعمة يقول...

الواقعى اوى النجاح
تحياتى

الحلم العربي يقول...

حقا النجاح يعوض أحيانا عن وجع الفقد

تحياتي الخالصة